الأربعاء، 9 ديسمبر 2020

سبعون وسبعون

(هذا مقال كتبته قبل أكثر من عامين، عن قضية فلسطين)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله قيوم السماوات والأرضين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الطاهرين.

15.أيار-مايو.1948، هذا التاريخ سيكون محل نقاشي اليوم مع مرور سبعين عاما عليه، فهل هي…

-سبعون عاما على حرب الاستقلال وتطهير أرض الميعاد من الأنذال؟

-سبعون عاما على تأسيس الديموقراطية الوحيدة(كما تسمي نفسها)في الشرق الأوسط بأسره؟

-سبعون عاما من الانتصارات والتحرير لأراضي اليهود التي اغتصبها منهم العرب؟

-سبعون عاما على استقلال دولة اليهود، وبناء أرض تفيض سمنا وعسلا، بعد ظلمهم في الهولوكوست وغيرها؟

-سبعون عاما من محاربة المخربين الفلسطينيين وملاحقتهم بشتى الطرق، ومع هذا فما زالوا مخربين؟

-سبعون عاما من الاتفاقيات والمعاهدات مع الفلسطينيين والعرب المجاورين من أجل الرخاء والسلام؟

-سبعون عاما من ظلم الفلسطينيين وبغيهم على اليهود المساكين، ومع هذا فجيش الدفاع يصافح أطفالهم ويوزع عليهم الحلوى؟

-سبعون عاما من احترام المقدسات الإسلامية والنصرانية وإعمارها وتنظيمها، ومع هذا يرفضون بناء هيكل سليمان-عليه السلام؟

أم هي…

-سبعون عاما على نكبة فلسطين وتهجير أهلها منها وتشتتهم في بقاع الأرض؟

-سبعون عاما على تأسيس أعتى أنظمة الاستبداد والقهر والقمع في الشرق الأوسط، والذي منه وبه تعلمت ونهضت أنظمة

الاستبداد العربية المتنوعة؟

-سبعون عاما من المجازر والحروب على أصحاب الأرض لثنيهم عن حقهم، وما استطاعوا لذلك سبيلا؟

-سبعون عاما على الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وبناء دولة أهلكت الحرث والنسل، تحججا وتسترا بأسطورة الهولوكوست؟

-سبعون عاما من التضييق على المقاومين أفرادا وجماعات ولكن هيهات هيهات؟

-سبعون عاما من اتفاقيات الخيانة بين الصهاينة وبين بعض الفلسطينيين والعرب، وقد تطور العرب كثيرا فأصبح التعاون مع الصهاينة لا يحتاج إلى اتفاقيات؟

-سبعون عاما من القهر الصهيوني لأصحاب الأرض، ورغم هذا يخرج علينا السيد أفيخاي ليحدثنا عن فضائل يوم الجمعة؟(صمتا إذا تكرمت)

-سبعون عاما من التضييق على المقدسات النصرانية والإسلامية وخصوصا الأخيرة، بحرق وإغلاق ومنع وبوابات، ولكن هذا لم يمر بسهولة؟

لعلكم تستغربون قرائي الأعزاء لماذا تم عرض الرأيين ونحن لسنا بحاجة لهذا؟

أقول:إني لم أعرض مجرد آراء، بل عرضت تاريخا وقصة تناساها الكثير من العرب والمسلمين أو بالأحرى عرضت (الحق والباطل) الذي تشابه على الكثيرين.

وأود بهذا إرسال رسالة إلى من باع القضية وترك الحق، مفادها: فلسطين ليست وحدها، فأهلها صامدون فيها وإخوانهم في ربوع الأمة معهم وإن لم يصلوا إليهم، فهم يدعون لهم ويكتبون ويتحدثون ويقنعون الناس بالحق، فسفراء القضية وإن قلوا موجودون.

وأود إرسال رسالة إلى أهل فلسطين وهي: لقد سطرتم سبعين عاما من التضحيات والشهداء والملاحم، فاستمروا فوعد الله آت لا محالة.

والحمد لله رب العالمين.

عزام بحر

حرر يوم الأحد

13.أيار-مايو.2018م

27.شعبان.1439ه‍

تاجوراء.ليبيا


الخميس، 10 سبتمبر 2020

رسالة المسترشدين

 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.
رسالة المسترشدين للإمام الحارث المحاسبي من أروع ما كتب في السلوك وأعمال القلوب، وهذه نسخة منها لمن يريد قراءتها

الأربعاء، 15 أبريل 2020

دموعنا تضيعنا


كنت مرة أتحدث مع أحد أولاد الجيران، وهو من أصدقائي، فتجاذبنا الحديث من أمر إلى أمر حتى وصلنا إلى الحديث عن مسلسل عربي يشاهده هو،
وحدثني عن مشهد فيه، كان بطل المسلسل على سرير المستشفى وحوله عائلته حزينة تبكي، فقال لهم:لا تحزنوا أنا معكم وبجانبكم، لم يصبني شيء وأنا معافى، ثم أزاح الغطاء عن قدميه فوجد إحداهما مبتورة
يحدثني صديقي عن المشهد قائلا أنه أحزنه وأبكاه.
عندما حدثني عن الأمر لم أهتم له كثيرا، ولكن بعدما تأملت فيه وجدت الأمر أبعد من أن يكون مجرد تأثر بمشهد درامي، وأخطر من أن يكون مشاعر جياشة تملكت صاحبنا عند مشاهدته المسلسل، كلا، بل إن الأمر هام وهام جدا.
لقد بكى صاحبنا وتأثر بهذا المشهد الخيالي، ولكن هل بكى أو تأثر أو حَزُنَ لأحوال المسلمين في بقاع العالم؟
والمشكلة لا تتمثل في صديقي هذا فقط، بل هي ظاهرة حسب ظني، لهذا أرى أنها تستحق التوقف والمعالجة.
يبكي اليوم شبابنا على موت شخص في أحد الأفلام أو المسلسلات، ولكنهم لا يبكون على موت عشرات أو مئات من البسطاء المدنيين وغالبهم من المسلمين، لا يبكون على موتهم لأنهم لا يدرون عنهم أصلا.
يبكون على مشاهد لأطفال يبكون في خضم المشاكل التي هي أصلا من خيال الكاتب، ولا يبكون على أطفال لم يجدوا دموعا يبكون بها في واقع مرير.
يبكون على شاب فقد حلمه في الفيلم أو المسلسل، ولا يبكون على شباب هم أيضا جزء منهم، فقدوا أحلامهم ومستقبلهم وسط هذه الحروب والصراعات التي تدمر بلداننا.
يبكون على شخص تخيل الكاتب أنه فقد، فجعل خياله دراما، ولا يبكون على مئات فقدوا ولا يعرف مصيرهم حتى هذه اللحظة.
يبكون على رجل دخل السجن إثر قضية جنائية في المسلسل، ولا يبكون على مئات السجناء المظلومين في دولنا، من سياسيين وصحفيين وحقوقيين ودعاة وفقهاء وعلماء.
يبكون على مشهد افتراق رجل عن صديقته أو حبيبته، ولا يبكون على افتراق مئات الرجال عن زوجاتهم وأبنائهم بسبب الأوضاع المأساوية التي نعيشها.
ولهذا يتبادر إلى الذهن السؤال المعتاد:ما هي المشكلة؟ أرى أن المشكلة تتمثل في محاولة الشباب الهروب من الواقع المرير الذي تعيشه مجتمعاتنا سياسيا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا، ولكن هذا أدى إلى الانفصام إلى حد كبير عن الواقع.
ولا أقصد بكلامي هذا الغرق في المشاكل والأزمات والتوجه نحو الواقعية السلبية، بل أريد من الشباب أن يكونوا على دراية بمشاكل مجتمعاتهم والعمل على إصلاحها.
وقد يفهم البعض من انتقادي لحزن الشباب على مشاهد الأفلام أني أريد منهم إماتة الضمير وقسوة القلب، كلا، بل أطلب منهم أن لا يكونوا عاطفيين بإفراط، وأن يعرفوا أين يوجهوا دموعهم حتى لا تضيعهم.
وقد يفهم البعض الآخر من كلامي أني أطالبهم بالبكاء والحزن على مآسينا والبقاء دون محاولة جادة للتغيير، لكني أريد من الحزن على مآسينا وواقعنا البائس أن يكون حافزا لديهم للإصلاح والتغيير نحو الأفضل بإذن الله.
أسأل الله-عز وجل-أن يوفقنا للتغيير وأن يرزقنا الأمل فيه.
والحمد لله أولا وآخرا.
عزام بحر
حرر يوم الثلاثاء
25.محرم.1441ه‍

24.أيلول.2019م